العلويون واليهود .. شبكة كوهين
الياهو كوهين:
كوهين يهودي مصري هاجر الى اسرائيل بعد حرب 1956 حيث قام الموساد بتدريبه للقيام باعمال التجسس في سوريا سافر بعدها للارجنتين بجواز مزور صادر عن الجمهورية المتحدة باسم كامل امين ثابت حيث انخرط هناك في الجالية العربية بصفته رجل اعمال و من الداعمين للقضية العربية حيث اقام علاقات متشعبة مع الكثيرين من النافذين السوريين و منهم امين الحافظ الملحق العسكري في السفارة السورية في الارجنتين
دخل الى سوريا مع وصول البعثيين للحكم و استطاع بناء شبكة من العلاقات على ارفع مستوى شملت العديد من قيادات البعث و من السياسيين و العسكريين و موظفي الاذاعة و الدوائر الحكومية و الكثير من الرجال و النساء و الفتيات و في احدى حفلاته كان ضيوفه حيدر مردم و فخري البارودي و جلال السيد .. و اصبح كوهين بعد فترة مقربا من قيادة البعثيين عن طريق تمويل النفقات المالية للحزب و يستنتج مما ذكره المطلعون على محاكمة كوهين ان احد مهام كوهين كانت اختراق حزب البعث ثم العمل على توجيهه بما يلائم اسرائيل في سوريا ،قال منصور الاطرش : لفت انتباهنا ان بعض المداولات السرية لقيادات البعث كانت تذاع من اسرائيل.. و يبدو ان هذا العمل قد تم استكماله بعد كوهين من قبل شبكته التي استمرت بالعمل و كان منها قيادات من الصف الاول من البعثيين فالواقع اليوم يقول ان ذلك قد تم بدليل السلم التام على الجبهة السورية مع اسرائيل منذ عقود
لقد زار كوهين الجبهة السورية ثلاث مرات على الاقل و شهد في احداها مناورة لسلاح المدرعات في الجولان و كانت للمعلومات التفصيلية التي زود بها اسرائيل عن الجيش السوري دورا كبيرا في احراز نصر 1967 الى جانب خيانة وزير الدفاع حافظ الاسد
قبض على كوهين بتهمة التجسس لصالح اسرائيل في منزله الواقع اخر حي ابو رمانة المواجه لقصر الضيافة حيث يقيم امين الحافظ ، و بعد التحقيقات التي اجريت شكلت له محكمة لمحاكمتة برئاسة المقدم صلاح الضلي و عضوية النقيبين محمود الحمرا و خالد ارسلان و الرائدين سليم حاطوم و محمد رباح الطويل
كانت محاكمة كوهين مسرحية هزلية بكل معنى الكلمة كشفت للناس العاديين يومها ان المحاكمة ما هي الا تمثيلية اعدها قادة البعث بالتنسيق مع كوهين ليغطوا على الحقيقة المرة انهم مخترقون من قبل اسرائيل و بعض قياداتهم جزء من شبكة كوهين التجسسية حيث كانت الاشياء التي اظهرتها المحاكمة كلها غير ذات معنى بالقضية الاساس ، فالذي علمه الناس وقتها :
1. ان كوهين بنى شبكته قبل الثامن من اذار من رجال و نساء و لكنه بعد الثامن من اذار لم يستطع التعرف و لو على شخص واحد و ان المعلومات التي حصل عليها و ارسلها لاسرائيل كانت الخلاف الذي حدث بين عبد الكريم زهر الدين قائد الجيش و رئيس الجمهورية ناظم القدسي و تكليف صلاح البيطار بتشكيل الوزارة و هي امور يعرفها أي مواطن عادي وقتها
2. كانت الاسئلة الموجهة لكوهين من المحكمة ضحلة و تافهة مثل سؤالها لكوهين عن رأيه باسرائيل و عندما هم كوهين بالكلام قاطعه رئيس المحكمة بخطبة نارية عن الوطنية
3. استهلكت المحكمة مع كوهين وقتا طويلا في الحديث عن علاقاته الجنسية و مغامراته الغرامية
4. توصلت المحكمة الى ان كوهين لم يزر الجبهة السورية و لكنه زار منطقة الحمة فقط (منطقة الحمة هي من مناطق الجبهة)
انتهت المحاكمة دون ان يصل المواطن الى فهم ماذا حدث و كيف حدث و اختصر الموضوع بشخص كوهين و اصدر حكم الاعدام عليه بينما كان كل ما حدث من محاكمة هزلية هو التستر عن الحقيقة ، ادين كوهين بنفسه فقط و لم يدن احد معه من الشبكة التي كان شكلها و التي باعترافه كانت تزيد عن 40 شخصا ، و بعد اعدامه ظل التساؤل و الى اليوم : اين بقية شبكة كوهين ؟
بعض الوقائع المتفرقة التي حدثت بعد موت كوهين تشير بلا لبس الى جماعة الحكم البعثي و بعضهم بالاسم كحافظ الاسد ، و نستعرض هنا بعض الحوادث في هذا الموضوع :
1. قال كوهين خلال المحاكمة انه تعرف قبل الثامن من اذار على ما يزيد عن اربعين شخصا و وثق علاقاته معهم غير ان المحاكمة لم تطلب منه التعريف باسماء اولئك الاربعين و بقي سرهم غامضا الى اليوم مع ان وسائل الاعلام العربية في حينها اتهمت بعض اعضاء المحكمة بعلاقاتهم مع كوهين ، و يقول اكرم الحوراني : كان معروفا لنا في ذلك الوقت عن وجود علاقة بين احدى فتيات كوهين و هي مضيفة طائرة ورد اسمها في المحاكمة و بين رئيس المحكمة صلاح الضلي (كانت عشيقته) و قد حاول الضلي نفسه ابعاد التهمة عن صديقه المشار اليه بالتورط مع كوهين و هو احد اعضاء المحكمة الرائد سليم حاطوم حيث سأل كوهين هل تعرف سليم حاطوم ؟ فاجاب كوهين بالنفي و اكتفت المحكمة بتصديق نفيه دون نقاش
2. بعد اعدام كوهين قامت مجلة الاسبوع العربي اللبنانية بنشر مقابلة مع احمد سويداني رئيس المخابرات السورية وقتها و المشرف على المحاكمة و مما ادلى به سويداني وقتها معلومات اكثر مما جاء بالمحاكمة عن كوهين حيث ذكر ان المعلومات التي ارسلها كوهين لاسرائيل تناولت :
3. معلومات تفصيلية عن القوات المسلحة
معلومات عن رجال السياسة و الجيش
معلومات اقتصادية
و يذكر ان احمد سويداني هو احد رجالات صلاح جديد و كان قائدا للاركان خلال حرب 1967 و سقط بعد الحرب بسبب الصراع الذي احتد بين صلاح جديد و زير الدفاع حافظ الاسد فهرب الى لبنان و التجأ الى السفارة الجزائرية التي رفضت اعطاءه اللجوء السياسي فتوجه الى العراق فرفض العراق استقباله فعاد الى سوريا فاعتقله حافظ الاسد ، و يذكر الحوراني في مذكراته ان سويداني كان حتى عام 1991 لا يزال في السجن و يذكر ايضا ان سويداني سلم السفارة الجزائرية وثائق تخص محاكمة كوهين باعتباره رئيسا للمخابرات و مشرفا على التحقيق وقتها
4. يقول اكرم الحوراني جمعني غداء في بغداد مع عدد من قيادات البعث السوري المنفيين اواسط السبعينيات و كان من الحضور الضابط محمد وداد بشير و هو احد الذين القوا القبض على كوهين حيث ذكر لي ان عددا من الضباط اشهروا مسدساتهم لينتزعوا كوهين منهم .و محمد وداد بشير على ما يذكر امين الحافظ انه ضابط اشارة في مخابرات الجيش و هو من حرك موضوع الموجات الغير معروفة التي كانت تصدر و لم يستطع الجيش فك شيفرتها فرفع الموضوع لامين الحافظ الذي استعان باجهزة روسية و تم تحديد مكانها و القاء القبض على كوهين و خلال حكم حافظ قامت المخابرات السورية باختطاف هذا الضابط من لبنان الى سوريا حيث اودع السجن و ذكر احد من كان معه في السجن انهم قد سجنوه في الزنزانة نفسها التي كان فيها كوهين و كان لا يزال مسجونا عام 1990
5. بعد ايام قلائل من اعدام كوهين عثر بعض الرعاة في سرغايا على جثة في احد الكهوف و تبين ان هذه الجثة هي جثة كوهين قام البعض بمحاولة تهريبها الى اسرائيل عبر لبنان فادركهم النهار فخبأوها ليتابعوا الرحلة ليلا . و الحادثة بحد ذاتها تؤكد ان هناك شبكة كبيرة وراء كوهين في سوريا و بعضها في مراكز القيادة اذ كيف يمكن سرقة جثة لشخص ككوهين ثم نقلها ؟
نذكر في النهاية ان الذين كانوا يحكمون سوريا خلال فضيحة كوهين هم :
امين الحافظ : (سني ) امين مجلس الرئاسة و كان ألعوبة بيد الحلف الطائفي من الاقليات
صلاح جديد : (علوي ) الرجل الاول و الاقوى في الحكم و المسيطر على القيادة القطرية
محمد عمران : (علوي ) منافس صلاح جديد زير الدفاع
حافظ الاسد ( علوي ) قائد سلاح الطيران
سليم حاطوم : (درزي ) قائد وحدات المغاوير المكلفة بحراسة النقاط المهمة في دمشق
ان الشيء الاكيد ان امين الحافظ لم يكن من شبكة كوهين بدليل ان اسرائيل شنت هجوما عليه بعد اعدام كوهين الذي وقع عليه و حاولت ان تغمز بوجود علاقة بين الاثنين ، و ربما ما حدث بعد اعدام كوهين من انقلاب على امين الحافظ بواسطة قوات قادها ثلاثة اشخاص من طائفتين (علويين و درزي ) هم سليم حاطوم (المغاوير ) و رفعت الاسد (الحرس القومي ) و عزت جديد (سلاح الدبابات ) دليلا على من هم شبكة كوهين ، اما الاخرون باستثناء حاطوم الذي كان لا يشك احد حينها بعلاقات الصداقة بينه و بين كوهين فان ما فعله حافظ من اختطاف الضابط الذي تولى اعتقال كوهين ثم اودعه السجن في نفس الزنزانة التي كان بها كوهين و سجنه لاحمد سويداني قائد الاستخبارات عند القبض على كوهين و المشرف على التحقيق حتى فترة التسعينيات (و لا يعرف ان اطلقه ام لا ) ليدل عن علاقات ربطت الاثنين دفعت حافظا للانتقام ، هل كان حافظ الاسد خليفة كوهين و احد اهم اركان شبكته ؟
الصارم المسلول
No comments:
Post a Comment